الجمعة، 28 نوفمبر 2008

الصدق في أقوالنا.. أقوى لنا

الصدق في أقوالنا.. أقوى لنا

عندما بدأت اعمال مؤتمر العمل العربي في دورته ال35 في فبراير من هذا العام ، صرح القائم بأعمال مندوب دولة الكويت لدى جامعة الدول العربية المستشار مبارك العدواني أن العمالة الوافدة في الكويت تتمتع بالرعاية الكاملة والاستقرار مشيرا إلى أنها تسهم بفاعلية في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي والاجتماعي بالكويت. وأضاف العدواني أن العمالة الوافدة تحظى أيضا بكافة أوجه الاهتمام والرعاية من مختلف الجهات الكويتية المعنية.

وعندما نتأمل في مواد قانون العمل في القطاع الأهلي في الكويت نجد منها ما يؤيد تصريح الأخ العدواني مثل المادة 29 وفيها "يجوز تقدير الأجور- أي أجور العمال - بالساعة او اليوم او الأسبوع او بالشهر او بالقطعة وتؤدى الأجور في احد أيام العمل وفي مكانه بالعملة القانونية المتداولة مع مراعاة أحكام منها - العمال المعينون بأجر شهر تؤدي أجورهم مرة على الأقل في الشهر.

والمادة 31:" لا يجوز اقتطاع أكثر من 10% من اجر العامل وفاء لديون او لقروض مستحقة لصاحب العمل ولا يتقاضى صاحب العمل عنها اي فائدة.

والمادة 32: " لا يجوز الحجز على الأجر المستحق للعامل او النزول عن اي جزء منه الا في حدود 25% وذلك لدين النفقة او دين المأكل والملبس والديون الأخرى ويستوفى دين النفقة قبل دين الأكل والملبس والديون الأخرى ..."

وعندما نقرأ الصحف هذه الأيام فإننا لا شك سنتوقف طويلا عند ما حدث مؤخرا من التجاوز في حقوق العمال والأجراء ،أولئك الذين قدموا من بلاد البعد إلي الكويت ، يحدوهم الأمل في رخاء البلاد وسماحة أهلها ،و يسعون لبناء حياة طالما حلموا بها في ماضي أيامهم ، قدموا ، بل ( دفعوا ) من اجل أن تأطأ أقدامهم هذه الأرض ، ولقد بلغ الأمر يبعضهم أن دخل في دائرة الديون أملا في أن يسدد دينه من عوائد عمله حين يأتي ، ولعله لم يقرأ قول القائل :

والليالي من الزمان حبالى ***** مثقلات يلدن كل عجيبة

فلم يدرك ان هناك مفاجأة تنتظره ، في أرض الأماني المنشودة ، إنها مفاجأة لم يتوقعها ولم ترد في ذهنه ، ولم تأت على خاطره أبدا ،ولم يصرح بها أي قائم بالأعمال بل أي قاعد عن الأعمال أيضا ، إنها الطمع متجسدا ، في قلوب بعض أرباب العمل فلا يراعون للعامل حقوقه، ولا يؤدون له راتبه، في نقض واضح لمواد القانون المتعلقة ، وفي تجاوز بين لتعاليم الإسلام الذي حفظ لمثل هؤلاء العمال حقوقهم فقد قال ربنا عز وجل : (يا أيُّها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)، وقال سبحانه:(وأوفوا بالعهد إنَّ العهد كان مسئولا) ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفَّ عرقه )

إن هناك أنواعا من المعاناة وقفنا عليها، وقرأنا عنها ، بل وعايشناها في الأيام القليلة الماضية ، وهي تعبر عن التعدي الواضح والمخالفة الصريحة لهذه الآيات وهذا القانون.

إنَّه أمر يحتاج منا إلى بيان عاجل ، نوجهه إلى تلك القلوب التي غاب عنها الامتثال لأمر الله ، والحرص علي تطبيق أوامره ، القلوب التي أخذت من الطمع وأكل أموال الناس بالباطل ، سفينة ، تظن أن فيها النجاة والحياة المطمئنة ، والقلوب التي اطمأنت من عدم تطبيق العقوبات عليها عند المماطلة في أداء حقوق هؤلاء الضعفاء ، فطغت واستبدت وظلمت ، وما علمت هذه القلوب جميعها أنه قد ينقلب البحر، عن وجه آخر لم يكن في الحسبان حينما تستوفى منهم هذه الحقوق من قبل خصم هو الله جل جلاله وذلك مصداقاً لحديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: قال الله عزَّ وجل:(ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة ... وذكر منهم " ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يوفِّه أجره" .

إن الواجب علينا حينما نستخدم عُمّالاً رجالاً ونساءً أن نتّق الله فيهم وأن نكون سببًا في استقامة أحوالهم وتهذيب سلوكهم والحرص على دعوتهم إلى الله ، وأن نعاملهم بالرّفق في الأمور كلها، يقول النبي: ( إخوانكم خَوَلُكم، جعلهم الله تحت أيديكم، ومن جعل الله أخاه تحت يده فليطعمه مما يَطْعَم، وليلبسه مما يَكْتَسِي، ولا تُكلّفوهم ما لا يطيقون، وإن كلّفتموهم فأعينوهم.

إضاءات .... قال الحكماء :

الصدق في أقوالنا.. أقوى لنا ***** والكذب في أفعالنا .. أفعى لنا