الجمعة، 28 نوفمبر 2008

أيام الوسم .. وعوائق الذنوب


أيام الوسم .. وعوائق الذنوب

قرأت أبياتا رائعة لشاعر أروع هو بدر بن عبد المحسن يعبر فيها عن حبه للكويت التي تبادله المحبة .. يقول فيها :

أقول الوسم وش خلى سحابه ينحدر للشــــــــرق
ترك كل الجهات ولا تغير في محاديــــــــــــــره

نويت اعارض غيومه وأسافر مع غريب الطرق
أبا أدري هو صحيح إن المطر محبوبته ديـــــره

وبانت لي الكويت .. ولا تبين في المحبة فــــرق
أنا في دار خلاني .. ولي غير النسب جيـــــــره

عرفت الوسم وش خلى سحابه ينحدر للشــــرق
ترك كل الجهات .. ولاتغير عن محاديـــــــــره

فصور هذا المبدع "المطر" في قصيدته وكأن له إرادة ، فيختار الأرض التي يهطل فيها ، وأن له محبوبة هي الكويت ، فاختارها دون غيرها ليبعث فيها الحياة بسقيا الماء .

ولو تأملنا في محبة المطر الحقيقية ، فإنها تكون للأرض التي يعمرها سكانها بطاعة ربهم ، فبالإيمان والتقوى تأتي البركات من السماء والأرض ، ولا اعتبار عندها لجغرافية المكان أو جنسية أهله فالله سبحانه يقول " "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ .

وعندما نتأمل أيضا في أسباب انقطاع الأمطار لوجدنا أن كثرة الذنوب هي من أهم الأسباب ، قال النبي – صلى الله عليه وسلم : ما من عام بأكثر مطرا من عام ، و لكن الله يصرفه بين خلقه [ حيث يشاء ] ثم قرأ : و لقد صرفناه بينهم [ ليذكروا ] .

قال ابن قدامة –رحمه الله تعالى-: "إن المعاصي سبب الجدب ، والتوبة تكون سببا للبركات
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله أما بالنسبة لنا نحن فالله يحبس عنا المطر بذنوبنا و المعاصي وهذا من عظيم فضله حتى يرجع الناس إليه و يتوبوا .
وتزامنا مع حديث الناس هذه الأيام ، عن الوسم وأهميته في ريعان الأرض ، فإن التوبة هي وسم القلوب ، التي معها ينعم الله على عباده بالغيث , قال العباس في دعائه في صلاة الاستسقاء : اللهم إنه لم ينـزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة .. وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة فاسقنا الغيث. فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس .

قال ابن عباس مفسرا قول الله تعالى : "إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً": استنفر رسول الله – صلى الله عليه وسلم- حيا من أحياء العرب فتثاقلوا فأمسك عنهم المطر وكان عذابهم. فهؤلاء قوم تثاقلوا عن طاعة رسول الله فأمسك عنهم المطر ، فكيف بمن عصى رسول الله ، وكيف بمن تطاول على رسول الله ، أتراها تنزل عليه الأمطار لتحيي أرضه وهو الذي أمات قلبه ، ولم يهيئه لقبول الحق الذي نزل به الله على نبيه ، فكيف تخضر الأرض وتنبت وتؤتي ثمارها ، والقلوب لم تزل بعد جدباء ترفض الحق الذي لا شك فيه ، إنه تناقض بين الرغبة في الخير والغيث ، وبين بذل الأسباب الشرعية لتحصيله قال ربنا عز وجل : "والو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا" .


إضاءات ... فائدة

يقول النبي – صلى الله عليه وسلم- "ليست السنة أن لا تمطروا ولكن السنة أن تمطروا وتمطروا ولا تنبت الأرض شيئًا" ، فها هي آيات الله تتلي على مسامعنا كأنها المطر الذي يحي الأرض الميته ، ولكن قلوب البعض لم تتهيأ بعد للسقيا .

إننا نحتاج إلى أن نسقي قلوبنا بالاستغفار والذكر وطاعة الله ورسوله ، وعندها فقط ستنظر حولك فترى الأرض قد اخضرت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج .