الجمعة، 28 نوفمبر 2008

الشكر .... قيد النعمة

الشكر .... قيد النعمة

لقد مرت ذكرى الغزو العراقي على الكويت قبل أيام ، وقد كان الناس في مثل هذه الأيام من سنة 1990 في وضع مختلف تماما عما يعيشون فيه اليوم ، فلا يستطيع كثير منا نسيان المعاناة التي عشناها في تلك الفترة ، وهذا أمر لا نلام عليه ، فمن ينسي أيام المحنة العظيمة التي مررنا بها ، فبعد أن نمنا في أمن وأمان ، أصبحنا على خوف وقلق ، وبعد النعمة والرخاء ، أضحينا في عوز وحاجة شديدة ، ثم من الله علينا بفضله وكرمه ، بنعمة التحرير ، فعدنا ولله الحمد إلى ما كنا عليه ، وهذا فضل من الله ونعمة ، تحتاج إلى شكر لله سبحانه ، لأنه بالشكر تدوم النعم، فهو يبقيها ويحفظها من الزوال، وهذا من أعظم آثار الشكر وثماره، فإن الإنسان يحب بقاء النعم التي هو فيها ويكره زوالها.

وقد دلت النصوص على أن الشكر سبب لبقاء النعم، وكفرها سبب في زوالها ، فقال تعالى: ((وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ)) ، قال المفسرون : الآية تدل بمعناها على أن الشكر بقاء للنعم الموجودة، لأن الزيادة معناها: إضافة نعمة إلى نعمة، وهذا ظاهر في سبق نعمة أخرى، فدلت الآية على أن الشكر كما يفيد زيادة النعم المفقودة، فهو سبب لبقاء النعم الموجودة، وهذه سنة الله تعالى للخلق ووعده الصادق، الذي لا بد أن يتحقق على أية حال ، ومن مأثور كلام الحكماء في الشكر وأهميته في بقاء النعم : "من لم يشكر النعم فقد تعرض لزوالها، ومن شكرها فقد قيدها بعقالها. وقالوا : " من جعل الحمد خاتمة للنعمة، جعله الله فاتحة للمزيد، وقالوا :" الشكر قيد النعم الموجودة، وصيد النعم المفقودة " ،وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه – : إن النعمة موصولة بالشكر ، والشكر يتعلق بالمزيد ، وهما مقرونان في قرن ، فلن ينقطع المزيد من الله ، حتى ينقطع الشكر من العبد ، وقال الحسن البصري رحمه الله : إن الله ليمتع بالنعمة ما شاء ، فإذا لم يشكر عليها ، قلبها عذاباً ، ولهذا كانوا يسمون الشكر( الحافظ ) لأنه يحفظ النعم الموجودة و ( الجا لب) لأنه يجلب النعم المفقودة ، وقال أيضا : أكثروا من ذكر هذه النعم فإن ذكرها شكر وقد أمر الله تعالى نبيه أن يحدث بنعمة ربه (( وأما بنعمة ربك فحدث )) والله يحب من عبده أن يرى عليه أثر نعمته فإن ذلك شكرها بلسان الحال ، وقال عمر بن عبد العزيز: " قيدوا نعم الله بشكر الله " .

فمن هنا وجب علينا أن نحفظ النعم ويكون ذلك باستمرار طاعتنا لله ، والحرص على عبادته وتجنب معصيته ، وكل ذلك اعترافا بفضله ، وحفظا لنعمه ، وحرصا على أن يكون الغزو ذكرى فقط ، تعيها الذاكرة وتستفيد منها ، ولا تتمنى أبدا أن تعيشها مرة أخرى .

إضاءات

علامة شكر المرء .. إعلان حمده ***** فمن كتم المعروف منهم .. فما شكر