الجمعة، 9 يناير 2009



إضاءات ... للزمن القادم

بين مدينتين

سنقف معكم على خبر مدينتين ، مدينة قديمة ومدينة حاضرة ،
فأما المدينة القديمة فهي عمورية ، المدينة التي غاب اسمها عن جغرافية المكان ولكنها لم تزل حاضرة في ذاكرة المجد الإسلامي ، وهي مدينة عربية إسلامية تقع في بلاد الشام جنوب تركيا فتحها المسلمون بقيادة الخليفة المعتصم وذلك على أثر إستغاثة امرأة مسلمة له بمقولتها المشهورة وامعتصماه .

وأما المدينة الأخرى فهي "غزة" المدينة الحاضرة المجاهدة ، وإن معنى كلمة غزة مشتق من العزة أي القوة والثبات والتمكين ، ولقد صفت غزة بأنها حمراء اليمن بالوصف العربي القديم ووصفت أيضاً بسيدة البخور والرحالة العرب وصفوها بدهليز الملك وبوابة آسيا ومدخل افريقيا ، وهي من أجمل مدن الساحل الفلسطيني وأعرقها وقد أكسبها موقعها شهرة على مر العصور حيث الأهميه الحربية والتجارية .
والسؤال الذي ينبغي الاجابة عليه هو : أين تقع غزة من اسمها ، وأين تقع كلمات نساء غزة من امرأة عمورية في زمن المعتصم

رب وامعتصماه انطلقت ملأ افواه الصبايا اليتم
لامست اسماعنا لكنها لم تلامس نخوة المعتصم

إن غزة التمكين في الزمن الماضي ، أصبحت رمزا لنقيضه في حاضر الأزمان ، وإنها تعد مثالا لأي مدينة مسلمة أخرى قد يحدث لها ما يحدث لغزة إذا لم يدرك المسلمون أي حرب يخوضون
وعندما ننظر إلى ما يحدث الآن في غزة ندرك تماما حقيقة الصراع الذي يحدث ، إنه لا يعني مجرد قتل مجموعة من الأبرياء وتدمير منازلهم بقدر ما يعني قتال دين قيم هو الإسلام الذي فضح اليهود عبر تاريخهم الطويل وأذلهم في مراحل تاريخية يعرفونها حين كان الإسلام يسكن قلوب أهله ولا يسكنها غيره .
ولذلك عمد اليهود إلى تنويع أسلحتهم التي يقاتلون بها فنجد أنها ليست فقط أسلحة مادية تهدم المنازل والطرق ، وتبيد الناس وتقتلهم ، بل تعدت ذلك إلى أسلحة فكريه وعادات اجتماعية أبعد ما تكون عن ديننا ، أدخلوها منذ زمن ، فغزوا بها قلوب وعقول الكثير من المسلمين ، فمن ينكر أن عددا كبيرا من أبناء المسلمين كانوا قبل أيام قليلة ، يجلسون على موائد المتعة المحرمة والماجنة في أماكن متعددة في عالمنا الإسلامي ، يحتفلون مع أعداء هذا الدين بمناسبة بعيدة عن الدين إنما روج لها وسوق لها ذلك الغزو الفكري الذي ينهش ويهدم أسوار عقيدة الولاء والبراء فينا .
إن الحرب الحقيقية التي نواجهها مع اليهود ، هي محاولاتهم المتواصلة لصرفنا عن ديننا العزيز والعمل به ، فيدخلون الشهوات علينا بكل الوسائل إلى الدرجة التي لا تترك معها مجالا للمسلم ليعرف مكانه بل ليدرك مكانته الحقيقة كعنصر مهم من خير أمة أخرجت للناس يأمر نفسه أولا بالمعروف وينهاها عن المنكر فيؤمن بالله فينصره الله
إن السلاح الأهم الذي نحتاجه والذي يعتبر قوة حقيقية في كل زمان ومكان هو العقيدة الصحيحة وتتمثل في تحقيق توحيد الله بداية والعمل بكتاب الله وسنة رسوله بصفة شاملة وبدون إغفال الجهاد في هذه القضية خصوصا
و لقد بشرنا رسول الله بمعركة فاصلة بينا وبين اليهود فقال : ((لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبأ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود)) متفق عليه, ولكن مادام الناس على إعراضهم عن عبادة الله بمعناها الحقيقي فسيبقون مسخرين لجميع أنواع المتحكمين فيهم من يهود وغيرهم, وأما في الوقت الذي تقوم فيه أمة ترفع لواء الإسلام وتعيد سيرته الأولى فإن جميع من أمامها من يهود وأعوانهم لن يصمدوا أمام عزة الاسلام وأهله.